فصل: الجملة الثانية في اختلاف الليل والنهار بالزيادة والنقصان والاستواء باختلاف الأمكنة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الفصل الثالث من الباب الأول من المقالة الأولى في معرفة الأزمنة والأوقات من الأيام والشهور والسنين على اختلاف الأمم فيها وتفاصيل أجزائها والطرق الموصلة إليها ومعرفة أعياد الأمم:

وفيه أربعة أطراف:

.الطرف الأول في الأيام:

وفيه ست جمل:

.الجملة الأولى في مدلول اليوم ومعناه وبيان ابتداء الليل والنهار:

وقد اختلف الناس في مدلول اليوم على مذهبين: المذهب الأول وهو مذهب أهل الهيئة أن اليوم عبارة عن زمان جامع لليل والنهار، مدته ما بين مفارقة الشمس نصف دائرة عظيمة ثابتة الموضع بالحركة الأولى إلى عودها إلى ذلك النصف بعينه، وأظهر هذه الدوائر الأفق وفلك نصف النهار. والحذاق من المنجمين يؤثرون فلك نصف النهار على الأفق بسهولة تحصل بذلك في بعض أعمالهم؛ لأن اختلاف دوائره في سائر الأوقات اختلاف واحد؛ وبعضهم يؤثر استعمال الأفق لأن الطلوع منه والغروب فيه أظهر للعيان، وهو الموافق لما نحن فيه.
ثم منهم من يقدم الليل فيفتتح اليوم بغروب الشمس ويختم بغروبها من اليوم ألقابل، وعلى ذلك عمل المسلمين وأهل الكتاب، وهو مذهب العرب، لأن شهورهم مبنية على مسير القمر، وأوائلها مقدرة برؤية الهلال.
ومنهم من يقدم النهار على الليل فيفتتح اليوم بطلوع الشمس ويختم بطلوعها من اليوم ألقابل، وهو مذهب الروم والفرس.
ويحكى أن الاسكندر سأل بعض الحكماء عن الليل والنهار أيهما قبل صاحبه فقال: هما في دائرة واحدة، والدائرة لا يعلم لها أول ولا آخر، ولا أعلى ولا أسفل.
المذهب الثاني وهو مذهب الفقهاء أن اليوم عبارة عن النهار دون الليل، حتى لو قال لزوجته: أنت طالق يوم يقدم فلان فقدم ليلاً لم يقع الطلاق على الصحيح. ثم القائلون بذلك نظروا إلى الليل والنهار باعتبارين: طبيعي، وشرعي.
أما الطبيعي فالليل من لدن غروب الشمس واستتارها بحدبة الأرض إلى طلوعها وظهورها من الأفق، والنهار من طلوع نصف قرص الشمس من المشرق إلى غيبوبة نصفها في الأفق في المغرب، وسائر الأمم يستعملونه كذلك.
وأما الشرعي: فالليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وهو المراد بالخيط الأبيض من قوله تعالى: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} والنهار من الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وبذلك تتعلق الأحكام الشرعية من الصوم والصلاة وغيرهما.
واعلم أن الشمس في الليل تكون غائبة تحت الأرض، فإذا قربت منا في حال غيبتها أحسنا بضيائها المحيط بظل الأرض الذي هو الليل، وهذا الضياء طليعة أمامها يطلع في السحر بياض مستطيل مستدق الأعلى، وهو الفجر الكاذب إذ لا حكم له في الشريعة، ويشبه بذنب السرحان لانتصابه واستطالته ودقته، ويبقى مدة ثم يزداد هذه الضوء إلى أن يأخذ طولاً وعرضاً وينبسط في عرض الأفق، وهو الفجر الثاني ويسمى الصادق، وعليه تترتب جميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالفجر، وبعده يحمر الأفق لاقتراب الشمس وسطوع ضيائها على المدورات الغربية من الأرض، ويتبعه الطلوع، وعند غروبها ينعكس الحكم في الترتيب المتقدم فيبقى الأفق محمراً من جهة المغرب بعد الغروب، ثم تزول الحمرة ويبقى البياض الذي هو نظير الفجر الصادق، وبالحمرة حكم صلاة العشاء عند الشافعية وبالبياض حكمها عند الحنفية، ثم يزداد البياض ضعفاً شيئاً فشيئاً إلى أن يغيب، ثم يتبعه البياض المستطيل المنتصب نظير الفجر الكاذب مدة من الليل ثم يذهب، وهذا لا حكم له في الشرعيات. والهند لا يعدون الفجر ولا الشفق من الليل ولا من النهار، ويجعلونهما قسماً مستقلاً، وهذا في غاية البعد لأن الله تعالى قسم الزمان إلى ليل ونهار ولم يذكر معهما سواهما.

.الجملة الثانية في اختلاف الليل والنهار بالزيادة والنقصان والاستواء باختلاف الأمكنة:

واعلم أن البلاد والنواحي على قسمين:
القسم الأول ما يستوي فيه الليل والنهار أبداً. لا يختلفان بزيادة ولا نقصان وذلك في البلاد التي لا عرض لها وهي ما مر عليه خط الاستواء؛ والعلة في التساوي هي أن أصحاب الهيئة لما توهموا أن بين قطبي فلك البروج دائرة عظمى تقسم سطح السماء نصفين على السواء وسموها دائرة معدل النهار، وتوهموا أيضاً في موازاتها دائرة أخرى تقسم سطح الأرض نصفين وسموها دائرة الاستواء وخط الاستواء؛ وكل بلد يمر عليه هذا الخط لا عرض له، وذلك لانقسام الكرة فيه وطلوع الشمس أبداً على رؤوس ساكنيه، وميلها في ناحيتي الشمال والجنوب بقدر واحد، ودوائر الأوقات تقطع جميع الدوائر الموازية لدائرة معدل النهار بنصفين نصفين، فيكون قوس النهار وهو الزمان الذي من طلوع الشمس إلى غروبها مساوياً لقوس الليل وهو الزمان الذي من غروب الشمس إلى طلوعها، فيكون الليل والنهار متساويين أبداً في هذه المواضع في جميع السنة.
القسم الثاني ما يختلف فيه الليل والنهار في السنة بالاستواء والزيادة والنقصان وهي البلاد ذوات العروض والعلة في الزيادة والنقصان أن المواضع التي تميل عن خط الاستواء إلى الشمال، تميل في كل موضع منها دائرة معدل النهار إلى الجنوب وتنحط الشمس ويرتفع القطب الشمالي من الأفق ويصير للبلد عرض بحسب ذلك الارتفاع، وتقدر بعده عن الخط. وإذا مالت الدائرة قطعت الآفاق كل دائرة من الدوائر الموازية لها بقطعتين مختلفتين، فيكون ما فوق الأرض من قسميها أعظم من الذي تحتها، لأن القطب لما ارتفع ارتفعت الدوائر الشمالية فظهر من كل واحدة أكثر من نصفها، وانحط مدار الشمس عن سمت الرأس إلى جهة الجنوب فبعد مشرق الصيف عن مشرق الشتاء فطال النهار وقصر الليل، وكلما زاد ارتفاع القطب في الأقاليم زاد الاختلاف الذي هو بين هذه القطع إلى أن تكون نهاية الأطوال حيث يكون ارتفاع القطب اثنتي عشرة درجة ونصفاً وربعاً وهو أول المعمور، اثنتي عشرة ساعة ونصفاً وربعاً؛ وحيث يكون ارتفاعه تسعاً وعشرين درجة وهو آخر الإقليم الثاني، ثلاث عشرة ساعة ونصفاً وربعاً، وحيث يكون ارتفاعه ثلاثاً وثلاثين درجة ونصفاً وهو آخر الإقليم الثالث أربع عشرة ساعة وربعاً، وحيث يكون ارتفاعه تسعاً وثلاثين درجة وهو آخر الإقليم الرابع أربع عشرة ساعة ونصفاً وربعاً؛ وحيث يكون ارتفاعه ثلاثاً وأربعين درجة ونصفاً وهو آخر الإقليم الخامس خمس عشرة ساعة وربعاً، وحيث يكون ارتفاعه سبعاً وأربعين درجة وهو آخر الإقليم السادس خمس عشرة ساعة ونصفاً وربعاً، وحيث يكون ارتفاعه خمسين درجة وآخر الإقليم السابع ست عشرة ساعةوربعاً.
ولا يزال اختلاف مطالع البروج يزداد بالإمعان في الشمال ويتسع شرقاً المتقلبين ويتقاربان مع مغربيهما إلى أن يلتقيا في العرض المساوي لتمام الميل الأعظم، وهو حيث يكون ارتفاع القطب ستاً وستين درجة؛ وفي هذا الموضع يكون قطب فلك البروج في دوره يمر على سمت الرؤوس، ويكون أول السرطان فقط ظاهراً فوق الأرض أبداً، ومدار أول الجدي فقط غائباً أبداً، فيكون مقدار النهار الأطول أربعاً وعشرين ساعة لا ليل فيه. ويعرض في هذه المواضع عند موازاة قطب فلك البروج سمت الرؤوس أن دائرة فلك البروج تنطبق حينئذ على دائرة الأفق، فيكون أول الحمل في المشرق، وأول الميزان في المغرب، وأول السرطان في الأفق الشمالي، وأول الجدي في الأفق الجنوبي. فإذا صار قطب فلك البروج والأفق نصفين وارتفع النصف الشرقي من فلك البروج وانخفض النصف الغربي فيطلع حينئذ ستة بروج دفعة واحدة، وهي من أول الجدي إلى آخر الجوزاء. وكذلك تغرب الستة الباقية دفعة واحدة. وحيث يكون ارتفاع القطب سبعاً وستين درجة وربعاً فهناك يكون مدار ما بين النصف من الجوزاء إلى النصف من السرطان ظاهراً في الأرض أبداً، وما بين النصف من القوس إلى النصف من الجدي غائباً أبداً، فيكون مقدار شهر من شهور الصيف نهاراً كله لا ليل فيه، وشهر من الشتاء ليلاً كله لا نهار فيه، والعشرة الأشهر الباقية ن السنة كل يوم وليلة أربعاً من الشتاء ليلاً كله لا نهار فيه، والعشرة الأشهر الباقية من السنة كل يوم وليلة أربعاً وعشرين ساعة. وحيث يكون ارتفاع القطب تسعاً وستين درجة ونصفاً وربعاً فهناك يكون مدار برجي الجوزاء والسرطان ظاهراً فوق الأرض، ومدار برجي القوس والجدي غائباً تحت الأرض أبداً، ولذلك يكون مقدار شهرين من الصيف نهاراً كله، وشهرين من الشتاء ليلاً كله. وحيث يكون ارتفاع القطب ثلاثاً وسبعين درجة يكون ما بين النصف من الثور إلى النصف من الأسد ظاهراً أبداً والأجزاء النظيرة لها غائبة أبداً، فيكون مقدار ثلاثة أشهر من الصيف نهاراً كله، وثلاثة أشهر من الشتاء ليلاً كله. وحيث يكون ارتفاع القطب ثماني وسبعين درجة ونصفاً فهناك يكون مدار الثور والجوزاء والسرطان ظاهراً أبداً والبروج النظيرة لها غائبة أبداً، فيكون أربعة أشهر من الصيف نهاراً كله وأربعة أشهر من الشتاء ليلاً كله. وحيث يكون ارتفاع القطب أربعاً وثمانين درجة فهناك يكون مدار ما بين النصف من الحمل إلى النصف من السنبلة ظاهراً أبداً والبروج النظيرة لها غائبة أبداً فيكون خمسة أشهر من الصيف نهاراً كله وخمسة أشهر من الشتاء ليلاً كله.
ومما يعرض في هذه المواضع التي تقدم ذكرها أنه إذا كان قطب فلك البروج في دائرة نصف النهار مما يلي الجنوب كان أول الحمل في المشرق وأول الميزان في المغرب، وتكون البروج الشمالية ظاهرة أبداً فوق الأرض الجنوبية غائبة تحتها، وهناك يطلع ما له طلوع من آخر الفلك فيما بين الجدي والسرطان منكوساً، فيطلع الثور قبل الحمل، والحمل قبل الحوت، والحوت قبل الدلو، وكذلك تغرب نظائرها منكوسة. وحيث يكون ارتفاع القطب تسعين درجة فيصير على سمت الرأس فهناك تكون دائرة معدل النهار منطبقة على الأفق أبداً، ويكون دور الفلك رحوياً موازياً للأفق، ويكون نصف السماء الشمالي عن معدل النهار ظاهراً أبداً فوق الأرض والنصف الجنوبي غائباً تحتها، فلذلك إذا كانت الشمس في البروج الشمالية، كنت طالعة تدور حول الأفق ويكون أكثر ارتفاعها عنه بمقدار ميلها عن معدل النهار، وإذا كانت في البروج الجنوبية، كانت غائبة أبداً فتكون السنة هناك يوماً واحداً ستة أشهر ليلاً وستة أشهر نهاراً، ولا يكون لها طلوع ولا غروب. فظهر من هذا أن حركة الفلك بالنسبة للآفاق إما دولابية، وهي في خط الاستواء، وإما حمائلية، وهي في الآفاق المائلة عنه، وإما رحوية، وهي في المواضع التي ينطبق فيها قطب العالم على سمت الرأس؛ فسبحان من أتقن ما صنع؟؟!

.الجملة الثالثة في معرفة زيادة الليل والنهار ونقصانها بتنقل الشمس في البروج:

اعلم أن للشمس حركتين: سريعة وبطيئة.
أما السريعة فحركة فلك الكل بها في اليوم والليلة من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق، وتسمى الحركة اليومية.
أما الحركة البطيئة فقطعها فلك البروج في سنة شمسية من الجنوب إلى الشمال ومن الشمال إلى الجنوب، ولتعلم أن جهة المشرق وجهة المغرب لا تتغيران في أنفسهما بل جهة المشرق واحدة وكذلك جهة المغرب، وإن اختلفت مطالعهما. قال تعالى: {رب المشرق والمغرب} أي جهة الشروق وجهة الغروب في الجملة، إلا أن الشمس لها غاية ترتفع إليها في الشمال، ولتلك الغاية مشرق ومغرب وهو مشرق الصيف ومغربه، ومطلعها حينئذ بالقرب من مطلع السماك الرامح، ولها غاية تنحط إليها في الجنوب، ولتلك الغاية أيضاً مشرق ومغرب: وهو مشرق الشتاء ومغربه، ومطلعها حينئذ القرب من مطلع بطن العقرب، وهذان المشرقان والمغربان هما المراد بقوله تعالى: {رب المشرقين ورب المغربين} وبين هاتين الغايتين مائة وثمانون مشرقاً، ويقابلها مائة وثمانون مغرباً، ففي كل يوم تطلع من المشرق غير الذي تطلع فيه بالأمس، وتغرب في مغرب غير الذي تغرب فيه بالأمس. وذلك قوله تعالى: {رب المشارق والمغارب} ونقطة الوسط بين هاتين الغايتين وهي التي يعتدل فيها الليل والنهار، يسمى مطلع الشمس فيها مشرق الاستواء، ومغرب الاستواء، ومطلعها حينئذ بالقرب ن مطلع السماك الأعزل.
وقد قسم علماء الهيئة ما بين غاية الارتفاع وغاية الهبوط اثني عشر قسماً، قالوا: والمعنى في ذلك أن الشمس في المبدإ الأول لما سارت مسيرها الذي جعله الله خاصاً بها قطعت دور الفلك التاسع في ثلثمائة وستين جزءاً وسموا كل جزء درجة، ثم قسمت هذه الدرج إلى اثني عشر قسماً على عدد شهور السنة، وسموا كل قسم منها برجاً، وجعلوا ابتداء الأقسام من نقطة الاعتدال الربيعي: لاعتدال الليل والنهار عند مرور الشمس بهذه النقطة، ووجدوا في كل من قسم هذه الأقسام نجوماً تتشكل منها صورة من الصور فسموا كل قسم باسم الصورة التي وجدوها عليه، وكان القسم الأول الذي ابتدأوا به نجوماً إذا جمع متفرقها تشكلت صورة حمل، فسموها الحمل، وكذلك البواقي.
قال صاحب مناهج الفكر: وذلك في أول ما رصدوا، وقد انتقلت الصور عن أمكنتها على ما زعموا فصار مكان الحمل الثور، وهي تنتقل على رأي بطليموس في ثلاثة آلاف سنة، وعلى رأي المتأخرين في ألفي سنة.
إذا علمت ذلك فاعلم أن الدورة الفلكية في العروض الشمالية تنقسم إلى ثلثمائة وستين درجة، كما تقدمت الإشارة إليه؛ والسنة ثلثمائة وستون يوماً منقسمة على الاثني عشر برجاً المتقدم ذكرها، لكل برج منها ثلاثون يوماً، وتوزع عليها الخمسة أيام والربع يوم، والليل والنهار يتعاقبان بالزيادة والنقصان بحسب سير الشمس في تلك البروج، فما نقص من أحدهما زيد في الآخر، وذلك أنها إذا حلت في رأس الحمل وهي آخذة في الارتفاع إلى جهة الشمال، وذلك في السابع عشر من برمهات من شهور القبط، ويوافقه الحادي والعشرون من آذار من شهور السريان، وهو مارس من شهور الروم، والرابع والعشرون من حردادماه من شهور الفرس، اعتدل الليل والنهار، فكان كل واحد منها مائة وثمانين درجة، وهو أحد الاعتدالين في السنة، ويسمى الاعتدال الربيعي لوقوعه أول زمن الربيع، فيزيد النهار فيه في كل يوم نصف درجة، وينقص الليل كذلك، فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس عشرة درجة، ونقص الليل كذلك، ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وتسعين درجة، والليل على مائة وخمس وستين درجة.
ثم تنقل إلى الثور فيزيد النهار فيه كل يوم ثلث درجة، وينقص الليل كذلك، فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً عشر درجات ونقص الليل كذلك، ويصير النهار بآخره على مائتين وخمس درجات، والليل على مائة وخمس وخمسين درجة.
ثم تنقل إلى الجوزاء فيزيد النهار فيها كل يوم سدس درجة ونقص الليل كذلك، فتكون زيادة النهار فيها لمدة ثلثين يوماً خمس درجات، ونقص الليل كذلك، ويصير النهار آخرها على مائتين وعشر درجات والليل على مائة وخمسين درجة وذلك غاية ارتفاعها في جهة الشمال. وهذا أطول يوم في السنة وأقصر ليلة في السنة.
ويسمى سير الشمس في هذه البروج الثلاثة شمالياً صاعداً لصعودها في جهة الشمال.
ثم تنقل الشمس إلى السرطان وتكرر راجعة إلى جهة الجنوب، ويسمى ذلك المنقلب الصيفي، وذلك في العشرين من بؤنة من شهور القبط، ويبقى من حزيران من شهور السريان ويونيه من شهور الروم خمسة أيام، وحينئذ يأخذ الليل في الزيادة والنهار في النقصان، فينقص النهار فيه في كل يوم سدس درجة، ويزيد الليل كذلك، فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس درجات، وزيادة الليل كذلك، ويصير النهار بآخره على مائتين وخمس درجات، والليل على مائة وخمس وخمسين درجة.
ثم تنقل إلى الأسد فينقص النهار فيه كل يوم ثلث درجة، فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً عشر درجات، وزيادة الليل كذلك، ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وتسعين درجة، والليل على مائة وخمس وستين درجة.
ثم تنقل إلى السنبلة فينقص النهار فيها كل يوم نصف درجة، ويزيد الليل كذلك، فيكون نقص النهار فيها لمدة ثلاثين يوماً خمس عشرة درجة، وزيادة الليل كذلك، ويصير النهار بآخرها على مائة وثمانين درجة والليل كذلك، فيستوي الليل والنهار، ويسمى الاعتدال الخريفي: لوقوعه في أول الخريف، ويسمى سير الشمس في هذه البروج الثلاثة شمالياً هابطاً لهبوطها في الجهة الشمالية.
ثم تنقل إلى الميزان في الثامن عشر من توت من شهور القبط، وهي آخذة في الهبوط، والنهار في النقص والليل في الزيادة، فينقص النهار فيه كل يوم نصف درجة، ويزيد الليل كذلك، فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس عشرة درجة، وزيادة الليل كذلك، ويصر النهار بآخره على مائة وخمس وستين درجة الليل على مائة وخمس وتسعين درجة.
ثم تنقل إلى العقرب، فينقص النهار في كل يوم ثلث درجة، ويزيد الليل كذلك، فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً عشر درجات، وزيادة الليل كذلك، ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وخمسين درجة، والليل على مائتين وخمس درجات.
ثم تنقل إلى القوس، فينقص النهار فيه كل يوم سدس درجة، ويزيد الليل كذلك، فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس درجات، وزيادة الليل كذلك، ويصير النهار بآخره على مائة وخمسين درجة، والليل على مائتين وعشر درجات، وهو أقصر يوم في السنة وأطول ليلة في السنة، وذلك غاية هبوطها في الجهة الجنوبية. ويسمى سير الشمس في هذه البروج جنوبياً هابطاً، لهبوطها في الجهة الجنوبية.
ثم تنقل إلى الجدي في السابع عشر من كيهك وتكر رجاجة، فتأخذ في الارتفاع ويأخذ النهار في الزيادة والليل في النقصان، فيزيد النهار فيه كل يوم سدس درجة. وينقص الليل كذلك، فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس درجات ونقص الليل كذلك، ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وخمسين درجة، والليل على مائتين وخمس درجات.
ثم تنقل إلى الدلو، فيزيد النهار فيه كل يوم ثلث درجة، وينقص الليل كذلك، فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً عشر درجات ونقص الليل كذلك، ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وستين درجة والليل على مائة وخمس وتسعين درجة.
ثم تنقل إلى الحوت، فيزيد النهار فيه كل يوم نصف درجة وينقص الليل كذلك، فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس عشرة درجة ونقص الليل كذلك، ويصير النهار بآخره على مائة وثمانين درجة والليل كذلك، فيستوي الليل والنهار وهو رأس الحمل وقد تقدم. ويسمى سير الشمس في هذه البروج الثلاثة جنوبياً صاعداً لصعودها في الجهة الجنوبية، وهذا شأنها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
وهذا العمل إنما هو في مصر وأعمالها؛ فإذا اختلفت العروض كان الأمر في الزيادة والنقصان بخلاف ذلك والله أعلم.
تنبيه: إذا أردت أن تعرف الشمس في أي برج من البروج وكم قطعت منه في أي وقت شئت، فأقرب الطرق في ذلك أن تعرف الشهر الذي أنت فيه من شهور القبط وتعرف أمسه.